قصة السلطان و مساعديه

في قديم الزمان و سالف العصر و الأوان, كان هناك سلطان عظيم الشأن, له مئات
من المساعدين و الأعوان.و في يوم من الأيام , أراد هذا السلطان أن يقوم
برحلة بين الأنام , ليمضي ساعات هنية و يتعرف على أحوال الرعية. رن الجرس
فدخل الحرس , فأرسل الملك كبيرهم في طلب خبير الطقس الذي جاء من خوفه يرقص
رقص , فأخبره الملك بعزمه على القيام برحلة للقنص , و عليه أن يعرف له
أخبار الجو حتى لا يفسد عليه المطر الفرح و اللهو , فهرع مسرعا الخبير حتى
كاد أن يطير, و لما وصل كان قد بلغ ذروة حماسه فراح في معمله يضرب أخماسه
بأسداسه و يستنفر كل حواسه , ليكشف الأسرار و يعود للسلطان بصدق الأخبار,
فهو يدرك أن بانتظاره الويل و الثبور و عظائم الأمور أن لم يكشف المستور من
خفايا الأمور.و بعد ساعات من الجهد المبذول للوصول إلى المأمول انتهى
الخبير من وضع الحلول و أرسل إلى السلطان بالقول , بان عليه أن لا يهتم
بالقال و القيل فالطقس جميل و يمكنه أن يمارس هوايته في صيد الغزلان و
الآيل . و لما جاء الموعد المذكور شدت الأحزمة فوق العربات و المهور فسار
السلطان برفقة الحاشية و العيون الحور, و في الطريق صادف الموكب فلاح في
السن عتيق يسير مع رفيق , و قد استغرب السلطان منظر الاثنان إذ هما في
السير يجدان و يسرعان و بمعاطف رأسيهما يغطيان , و حتى يعرف السبب و يبطل
العجب أرسل إليهما في الطلب , و لما مثل الاثنان بين يديه , سألهما سر ما
يقدمان عليه فابلغ الفلاحان القول إليه بان المطر قادم و من لم يستعد له لا
محالة نادم . و لما سأل السلطان كبيرهم لماذا هو متشاءم فالجو ليس بغائم ,
رد عليه بان حماره هو مصدر أخباره و أن هذا الحيوان لم يأته يوما إلا بصدق
الكلام , فان رفع أذنيه عاليا فان الجو ماطر و أن أسدلهما فلا خوف على
السائر, و ضحك ملء فمه السلطان و ابلغهما أن عليهما الأمان إذ أن خبيره
اعلم بأخبار الطقس و الأوان و أن عليهما أن يخلعا المعاطف و لن يكونا
بنادمان . و تابع الموكب سيره , و الملك من غباء الفلاحان تعتريه الحيره . و
بعد ساعات الأحوال تغيرت و السماء تلبدت و أبرقت و أرعدت و سيل من الماء
أمطرت و ثياب السلطان و الحاشية تبللت و لم ينفع الإياب بمنع بلل الثياب . و
عاد السلطان إلى القصر و لاشئ يؤمن له الستر فأرغى و أزبد و هدد و توعد و
في اليوم الثاني أرسل في طلب كل الحمير و مكنها من تسيير أمور البلاد و
التغيير , و من يومها صار الخبراء ينقلون الشعير , و يسير أمور البلاد
الحمير.
و هنا سأل شهريار جاريته شهرزاد أن تغيرت الأحوال أم أن الوضع ما زال.فأدرك شهرزاد الصباح و سكتت عن الكلام المباح...
لـــحـــظـــة من فضلك ... إقــــــــرأ أيـــــضـــا هذه المواضيع :